أصبح التعليم ايضا سجين الاحتلالرنات الجرس المُتتالية بنغماتٍ حادة وقوية أعلنت عن قدوم "حُسام" من مدرسته.. والدته تركت ما بيدها، وسارعت لفتح الباب لتصطدم بعيونٍ حمراء وشت بهطول الكثير من الدموع وبجسدٍ ينتفض حُزنا تصحبه زفرات وتنهيدات حرّى..
حُسام ألقى حقيبته من على ظهره ليتلقفها أقرب مقعد وانفجر باكيا: "لقد سلّمونا كُتبا بالية ممُزقة.. لن أحملها أبدا!!" بعيونٍ حانية أخذت الأم تنصت لشكوى طفلها وحُزن ما يؤرقه..
روى تلميذ الصف الثالث الابتدائي على مسامعها ما جرى بصوتٍ تائه: "أخبرنا المُدرس أنه لا توجد كُتب جديدة هذا الفصل، وأن دراستنا ستكون من خلال ما هو قديم ومُستخدم".
وحتى تتمكن وزارة التربية والتعليم من طباعة وتوزيع كُتب جديدة فإن دموع حُسام والآلاف مثله ستبقى تنهمر تحكي عن قصة حصارٍ يُحيل الأحلام إلى كوابيس.
كيف سندرس؟!
فرحة طلبة مدارس غزة بفصلهم الدراسي الثاني الذي بدأ مُنذ أيام ماتت في مهدها فلا تصفيق حار للفصل الجديد فيما ستبقى هتافات السرور حبيسة الحناجر وألوان الحُزن وحدها من سترتسم على الوجوه.
بعيونٍ دامعة أشار فراس حمدان طالب الصف الخامس إلى كُتبه: "إنها متهرئة والكلام بالكاد يظهر..."، شقيقته هبة 12 عامًا التقطت طرف الحديث لتواصل: "إننا نشعر بالحُزن الشديد لتسلمنا كُتبًا ممزقة.. تعودنا كل فصل أن نحتضن الجديد والجميل".
وزارة التربية والتعليم بغزة اضطرت هذا الفصل لتوزيع كُتب قديمة جراء نفاد الورق من أسواق القطاع بفعل الحصار الخانق واستمرار إغلاق المعابر، مُشيرةً إلى أنها لجأت لتجميع الكتب القديمة من طلاب الأعوام السابقة وتوزيعها على طلاب المرحلة الجديدة.
إذا كان صوت البكاء السابق سببه اختفاء الكُتب الجديدة من الحقائب المدرسية، فالعبرات المُتساقطة هذه المرة من عيون "سلمى" تلميذة الصف الرابع كانت لمشهدٍ أكثر ألما: "توزيع الكُتب لم يكف جميع الطلبة مما استدعى اشتراك طالبين أو أكثر في كتابٍ واحد.. أنا وزميلتي اشتركنا في كتاب الرياضيات.."، تستدرك بحنق: "كيف سأدرس؟ إنها مأساة.. سنفقد التركيز وتحصيلنا الدراسي سيتدنى".
تفوقي.. عفوا
الكتب القديمة أضاعت بهجة الأطفال بالعام الجديد
ما واجهته سلمى وأقرانها تسعى وزارة التربية والتعليم جاهدة لتداركه، مدير إحدى المدارس بغزة أكد لـ"إسلام أون لاين.نت": "لن نسمح بأن يشترك أكثر من طالب في كتاب.. هذا أمر طارئ وسيتم حله بأسرع وقتٍ ممكن".
"الكُتب القديمة ستؤثر سلبًا على الطلبة"، صرخة تحذير أطلقها أهل الاختصاص في ندوة عمل ناقشت الوضع التعليمي بغزة، وأجمع الخبراء التربويون على أن اعتماد الطلبة على الحل سيؤثر سلبًا على تحصيلهم؛ لأنهم لن يُجهدوا أنفسهم في التفكير بحلها. "محمد الأغا" وزير التربية والتعليم في حكومة إسماعيل هنية ناشد كافة الأطراف للتدخل السريع والعاجل بالضغط على الاحتلال من أجل السماح بإدخال 30 شاحنة تحمل أوراق طباعة خاصة بالكتب المدرسية، محذرا من خطورة استمرار الحصار على سير العملية التعليمية وعرقلة أدائها.
مدارس غزة لم يطرق بابها حزن واحد فحسب، بل امتدت أذرع المُعاناة لتنال كافة التفاصيل، فالعجز في المُستلزمات الرئيسية وفي مُقدمتها القرطاسية وصل إلى ما يزيد عن 40% واستقبل أكثر من نصف مليون طالب العام الدراسي الثاني بفقدان الأدوات المدرسية الضرورية.
غياب الورق حرم الطلبة الأوائل الفصل الماضي من مُعانقة شهادات التفوق، عُدي الطالب في الصف السادس كتب بحروفٍ حزينة خلف استمارة العلامات: "هذا الفصل لم أحصل على شهادة تقدير.. ليس لأني لم أكن ضمن قافلة الأوائل بل لأن الحصار قرر إغلاق الفرح في وجوهنا فعفوا يا تفوقي".
على شفا انهيار
المكتبات في غزة اعتذرت أرففها للطلبة الذين جاءوا بحثا عن أقلام ودفاتر مُميزة تعودت أناملهم على مُصافحتها، التاجر أيمن حمادة قال لـ"إسلام أون لاين.نت": "نحن عاجزون عن توفير أبسط الأشياء التي يحتاجها الطلبة.. هناك نقصٌ حاد في كميات القرطاسية وما هو موجود يفتقر للجودة ورديء الصُنع".
ويخشى الطلبة من استمرار الأزمة للأيام القليلة القادمة، بإيماءة خوف تحدثت الطالبة سهاد قائلة: "ماذا سنفعل أثناء الامتحانات.. هل سنكتب على الجدران؟ أم ستتحول الاختبارات إلى شفهية؟".
رافعة أكف الدعاء والابتهال إلى الله بأن تتجه الأمور نحو الأحسن قالت أم معاذ العلمي: "لديّ خمسة أبناء في المدارس.. جميعهم يبكون ويتأففون، كتبهم قديمة وأغلب مستلزماتهم مفقودة.. يدرسون على أضواء الشموع جرّاء انقطاع الكهرباء المتُكرر.. بتنا نخشى على استيعابهم وقدرتهم على التحصيل الجيد".
مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان حذرت في بيانٍ وصل "إسلام أون لاين.نت" من التداعيات الخطيرة لاستمرار سياسة حصار وإغلاق غزة على التعليم.
ولفتت المؤسسة إلى أن الاحتلال لم يسمح بإدخال الكتب المدرسية الخاصة بالفصل التعليمي الثاني لعام 2008، ومنع دخول الأوراق اللازمة لطباعة الكتب.
وأعربت الضمير عن خشيتها من تدهور مستوى التعليم لدى طلبة القطاع مؤكدةً أن الحصار يعمل على ازدياد مشاكلهم النفسية ومشاكل عدم التركيز.
وطالبت "الضمير" المؤسسات القانونية الدولية بالوقوف عند التزاماتها الأخلاقية تجاه ما يحدث من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ودعتها لاتخاذ خطوات فعلية لحماية الحق في التعليم لطلبة قطاع غزة، وحماية حقوق مئات الآلاف من تلاميذ المدارس
إضافة لهذه المعاناة
قول بسيطتدمير المدارس وتهجير السكان حرق مخازن مؤسسات التعليم
تحياتي
الأحد فبراير 08, 2009 5:02 am
